أظهرت دراسات أجرتها مؤسسة سانتا لوسيا الإيطالية أن استخدام التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، الذي يستهدف منطقة ما قبل الجمجمة، قد يسهم في إبطاء تقدم التدهور المعرفي وضعف الأداء اليومي، بالإضافة إلى الأعراض السلوكية لدى مرضى الزهايمر. وقد أظهرت التجارب السريرية أن المرضى الذين خضعوا لهذا النوع من التحفيز لمدة 52 أسبوعاً شهدوا تدهوراً أقل في النتائج السريرية مقارنةً بأولئك الذين تلقوا تحفيزاً وهمياً، مما يشير إلى فعالية هذه التقنية في معالجة الأعراض المرتبطة بالمرض.
يعتمد هذا العلاج على إرسال نبضات مغناطيسية إلى مناطق معينة في الدماغ، وهو إجراء غير جراحي يهدف إلى تحفيز النشاط العصبي. وفقاً لموقع “مديكال إكسبريس”، يتم استخدام هذه التقنية أيضاً في معالجة حالات مثل الاكتئاب واضطراب الوسواس القهري، حيث تُحدث تيارات كهربائية صغيرة في خلايا الدماغ لتعديل النشاط العصبي وتخفيف الأعراض. هذا الاستخدام المتنوع يعكس الإمكانيات الكبيرة للتحفيز المغناطيسي في مجالات متعددة من الصحة النفسية والعصبية.
في سياق أبحاث الزهايمر، تم تحديد منطقة ما قبل الجمجمة كموقع واعد للتحفيز، نظراً لدورها المبكر في تطور المرض، بما في ذلك ترسب الأميلويد وفقدان المادة الرمادية واضطراب الاتصال داخل شبكات الدماغ. وقد أظهرت الدراسات على النماذج الحيوانية أن التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة يمكن أن يقلل من مستويات بيتا أميلويد والبروتينات المفسفورية مثل تاو، كما يعزز من إنتاج البروتينات العصبية مثل عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ، ويقلل من السيتوكينات المرتبطة بالالتهابات، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج هذا المرض المعقد.
أظهرت تجربة سابقة في المرحلة الثانية أن استخدام التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، المستهدف لمنطقة ما قبل الإصبع، لمدة 24 أسبوعاً يمكن أن يساهم في إبطاء التدهور المعرفي وتقليل فقدان القدرات الوظيفية اليومية لدى مرضى الزهايمر الذين تتراوح حالاتهم بين الخفيفة والمتوسطة. هذه النتائج أثارت اهتمام الباحثين، مما دفعهم إلى استكشاف إمكانية تمديد فترة العلاج إلى 52 أسبوعاً، بهدف الحفاظ على مستوى الإدراك والوظيفة لفترة أطول.
في إطار هذه الدراسة، قام فريق البحث من جامعة فيرارا ومؤسسة سانتا لوسيا بتجنيد 48 مريضاً يعانون من الزهايمر في مراحل خفيفة إلى متوسطة. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، حيث خضعت 27 مريضاً لجلسات التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، بينما تم وضع 21 مريضاً في مجموعة تحفيز وهمي. وقد أكمل جميع المشاركين دورة علاجية كاملة استمرت 52 أسبوعاً، تضمنت مرحلة مكثفة لمدة أسبوعين تلتها جلسات صيانة أسبوعية.
تم تصميم التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة بطريقة موجهة عصبياً، حيث تم استخدام تخطيط كهربية الدماغ لتحديد الموقع والشدة المناسبة لكل مشارك. هذا النهج المخصص يعكس التقدم في تقنيات العلاج العصبي، ويعزز من فرص تحقيق نتائج إيجابية في تحسين جودة حياة المرضى الذين يعانون من الزهايمر.
تضمنت كل جلسة علاجية 40 نبضة، حيث استمرت كل نبضة لمدة ثانيتين بتردد 20 هرتز، وذلك على مدار 20 دقيقة، مما أدى إلى تحقيق إجمالي 96 ألف نبضة لكل مريض خلال فترة التجربة. وقد أظهرت النتائج أن المرضى الذين خضعوا لعلاج التحفيز المغناطيسي المتكرر شهدوا تدهوراً إدراكياً ووظيفياً أبطأ مقارنةً بالمرضى الذين تم وضعهم في المجموعة الوهمية.
فيما يتعلق بالنتائج الأولية، فقد أظهرت البيانات تغيراً متوسطاً قدره 1.36 نقطة في مجموعة التحفيز المغناطيسي، بينما سجلت المجموعة الوهمية تغيراً قدره 2.45 نقطة بعد مرور 52 أسبوعاً. تعكس هذه الأرقام الفروق في شدة التدهور بين المجموعتين، حيث انخفضت القدرة الوظيفية للأنشطة اليومية بمعدل 1.5 نقطة في مجموعة التحفيز المغناطيسي المتكرر، بينما كانت النسبة في المجموعة الوهمية 11.6 نقطة.
أما بالنسبة للأداء الإدراكي، فقد أظهرت النتائج زيادة في التدهور بمعدل 5.9 نقاط في مجموعة التحفيز المغناطيسي المتكرر، في حين كانت النسبة في المجموعة الوهمية 10.4 نقاط. وبالنسبة للأعراض السلوكية، فقد شهدت مجموعة التحفيز المغناطيسي المتكرر تغيراً بمعدل 3.28 نقاط، بينما كانت النسبة في المجموعة الوهمية 6.91 نقاط، مما يدل على الفروق الملحوظة في التأثيرات بين المجموعتين.